عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن الجواب عن سؤالكم يتوقف على لفت نظركم لوجود الفرق لغةُ بين كلمتين الفَناء بالفتح و الفِناء بالكسر
فمثلا قولهم فَناء الإنسان: بمعنى زواله يُقال فَني الإنسان إذا هلك أو زال، وهي إشارة إلى موته، ومن ذلك قولهم فَني الناس في الحرب إذا هلكوا فيها.
ولأجل ذلك أطلق على الدنيا في لغة العرب بأنها دار الفَناء: لأنها تزول وتذهب ويَموت كل من فيها ولا تبقى لأحد.
وعليه جاء شعر الفرزدق حين قال: (فِنَاءَ بَيْتٍ مِنَ السّاعينَ ) وشعر الشريف الرضي: (فناء البيت ذي العمد الطوال)
وأما الفَناء بالفتح كقولهم مثلا فِناء الدار: فهي الساحة الواقعة أمام الدار .
وحتماً المراد بالسلام هنا هو السلام على الأرواح التي حلت بفناء سيد الشهداء اي بالكسر لا الفتح فيكون المراد ما يلي «حلّت بفنائِك» أي حلّت بساحتِك.
ولا ربط له بالفناء والعدم الذي سألتم عنه ففي العبارة معان لطيفة وجوه ظريفة فكأنه أراد القول أن هذه البقعة الطاهرة هي كالبيت و وصاحب البيت هو الحسين (ع) وهؤلاء الشهداء دخلوا بيته وأصبحوا جزءاً منه، فالحسين (ع) جنته هو لقاء الله وأولئك الشهداء جنتهم أن يكونوا مع الحسين.
نزلوا بساحته وحشروا معه في حضرة القدس ، فان المرء يحشر مع من احبه.
فهم حينئذ قد حلوا بمعنى نزلوا لان الحلول بمعنى النزول بفناء محبته و لزوم طاعته و استقاموا على طريقته وساروا على شريعته.
فقدموا أرواحهم الطاهرة و نفوسهم الشريفة كرمى لعينيه و حفظا لدين جده.
فيا ليتنا كنا معهم ولكن هيهات فإن الصحيفة الالهية قد انطوت عليهم لم يزد على عدتهم احد ولم ينقص منهم احد.
ومن هنا استحقوا هذا الفوز العظيم فكانوا أصحابا لا يوجد لهم نظير فالسلام عليهم ما طلع بقي الدهر و ما أشرقت شمس و ما طلع البدر
والحمدلله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين