عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الله عزّ وجلّ هو الرحمن الرحيم ولا ينافي ذلك تشريع الجهاد وتشريع الحدود وما شابه ذلك مما فيه شدّة.
ولئن كان شيءٌ من ذلك منافيًا لكونه تعالى الرحمن الرحيم فإدخاله الكافرين النار أولى بالمنافاة! وليس كذلك.
نعم، يصحّ أن يقال: لم يرحمِ اللهُ الكافرين، بل لعنهم... وهذا لا ينافي ثبوت صفتي الرحمن والرحيم له؛ قال تعالى: ﴿ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [المائدة: 98].
وأمّا أمرُه رسولَه بأن يقول للكافرين: ﴿لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: 6]، فهو للمفاصلة بين الدينين، إذ دعَوه إلى عبادة ما يعبدون عامًا ويعبدون ما يعبد عامًا، فأخبرهم بأنّه لا يعبد ما يعبدون ولا هم عابدون ما يعبد...
فقوله: (لكم دينكم) معناه: دينكم لا يتجاوزكم ليكون ديني.
وقوله: (لي دين) وقد حذفت ياء المتكلّم فهو في الأصل (لي ديني) معناه: ديني لا يتجاوزني ليكون دينكم.
وهذا حين كان الرسول (صلّى الله عليه وآله) في مكّةَ المكرَّمة ولم يشرع جهاد آنذاك. مع أنّه لو شرع آنذاك تبقى الآية جاريةً، فأيّ تعارض بين كون الكافرين لهم دينهم ولا يتجاوزهم دينهم ليكون ديننا وبين مقاتلتهم؟!
وأمّا الأمر بقتال الذين لا يؤمنون فبعد الهجرة والتمكّن، وقد عرفت أنّه لا تعارض بين تشريع الجهاد وبين كون كلّ طائفة ذات دين خاصّ، وأنّ لعن الكافرين وعدم رحمتهم بل الأمر بتعذيبهم في الدنيا وثبوت العذاب لهم في الآخرة، لا ينافي ثبوت صفة الرحمة له عزّ وجلّ.
دمتم موفقين لكل خير