تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
من آثار الأفكار الوسواسية أنّها ترهق الانسان وتشعره بالضعف والعجز لأنه يشعر بأنه فاقد للسيطرة عليها، بينما عنده القدرة أن يسيطر على أفكاره الأخرى، لذا عندما تكاثرت عليك تلك الافكار في فترة سابقة وأشعرتك بالقلق والتعب وجعلت أمور الطهارة والوضوء وغيرها بالنسبة إليك مصدرا للقلق والمعاناة هربت نفسك من الامور العبادية لرغبتها في الهروب من القلق المطارد لها كلما يحين وقت العبادة، وهذه الخسارة الواقعية التي بليت بها بسبب الضعف والتعب ولدّت عندك شعورا بأنه الله تعالى لا يحبك ولا يستجيب لك لأنك قد تركت الصلاة فيما سبق وهذا الشعور ايضا يختزل في باطنه علمك بأن الله قادر على كل شيء ولكنه لم يقدم لك اي عون لذا تعززت عندك فكرة انه لا يحبك، فهو لا يحبك لأنك قد تركت العبادة فيما هو لا يحبك لأنه لم يقدم لك اي مساعدة، والان انظر الى حالة الانسان الذي عنده افكار وسواسية ترهقه وعنده افكار ان الله لا يحبه كيف يمكن مع هكذا امور ان يشعر الانسان بالراحة ويحلو له الايمان، لذا اول امر عزيزي السائل عليك ان تعرفه هو ان معالجة النتائج تكمن في معالجة الاسباب ولا مفر من ذلك وفي المقام عليك الالتفات الى التالي:
اولا، ان الافكار الوسواسية المتعلقة بامور الطهارة ينبغي ان تتعلم كيفية التعامل معها وتقبل هذه الافكار من الناحية الوجودية لها لا غير هي كسكة قطار الى جانب بيتك سوف يمر عليها كل يوم القطار ويصدر اصواتا مزعجة لا يصح لك ان تعيره الانتباه وان تستغرق في الاستماع الى صوته المزعج وتضطرب من ذلك ليس امامك الا تقبّل الامر انه سوف يمر كل يوم الى ان تنتقل الى بيت جديد او يتعطل ذلك القطار ولكن المبدأ والواقع ان عليك ان تعتبر ان وجوده -في ضمن مكان اقامتك- واقعي فلا يمكن ان تسأل لماذا يأت هذا القطار كل يوم...التقبل الايجابي لهذه الافكار في الفترة الاولى من شأنه أن يقلل مستوى القلق الصادر منها، قد لا تتوقف هذه الافكار سريعا وربما قد لا تتوقف ابدا ولكن ذلك لا يعني ابدا انها ستبقى مزعجة بالنسبة اليك، بل تستطيع ان تعتاد عليها وان تتفهم ان ذهنك يصدرها بهذه الطريقة بلا ارادة منك لذلك ويبقى ان عليك ان تقوم بوظيفتك الشرعية كما لو لم تكن هذه الافكار موجودة، وعلى كل حال نحن قد ذكرنا بعض التفاصيل النافعة ان شاء الله في متابعة هذا الامر يمكنك الحصول عليها عبر مراجعة الاسئلة التالية:
1- كيفية التعامل مع وسواس الطهارة والنجاسة
2- كيفية التعامل مع وسواس قبول الاعمال
ثانيا، ان الافكار المتعلقة بالله تعالى واهل البيت عليهم السلام بانهم لا يحبونك هذه افكار باطلة وخاطئة ولا دليل لك عليها بل هي من آثار تلك الافكار الوسواسية التي ذكرتها في المقام، يكفي لك ان تتأمل في ان هذه الافكار هاجت بك لما رجعت الى الصلاة، اتت هذه الوساوس اليك لتقول لك انك لست انسانا صالحا والله لا يحبك ولا اهل البيت يحبونك وكأن ذاك اللعين قد أرغم انفه في التراب عندما استطعت ان تصمد بوجه هذه الافكار وترجع الى صلاتك فعاد بحيلة اخرى لك {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} محبة الله تعالى لعباده هي سبب خلقتهم ووجودهم في هذه الدنيا، فنحن افعاله والله يحب ذاته ويحب افعاله، نعم قد يضع الانسان نفسه في موضع السخط من الله ولكن سرعان ما يستغفر الانسان ويتوب فان الله يتوب عليه بل يحب التوابين، فالله تعالى لم يقل انه يتقبل التوبة فقط بل قال انه يحب التوابين، امامك قرآن معصوم وهو امر يقيني لا شك فيه لا تدع هذه الافكار والشكوك تصارع يقين الايات والروايات اقفل عليها باب النقاش، يكفيك ان تعلم ان الله يحب التوابين ولا حاجة الى ان ترهق ذهنك بكثير من الاستدلالات في المقام، الله يا عزيزي خلقنا لنتعرف عليه ونعبده ونكتسب بعبادته الكمال وهو ربنا وولي امرنا هذه مجرد كلمات يكتبها عبد فقير مثلك الى الله، لا تعتقد ان لهذه الكلمات القدرة على ان تحدث فيك امر بغير قدرة الله ومشيئته فهو مسبب الاسباب وهو الشافي والمعافي وهو على كل شيء وكيل، راحة قلبك في اللجوء اليه والاستكانة بين يديه هو يبتليك لأنه يحبك ويحب ان يسمع صوت مناجاتك ويحب منك اللجوء اليه بعد يأسيك من كل ما في اي الناس من الحلول وهو يحب لك ذلك لأن ذلك فيه خيرك ومصلحتك، وهو اقرب اليك من نفسك ويعلم ما يخفي قلبك ليس عليك ان تحتار في طرق الوصول اليه، ولا ان تبحث عن كيفية الكلام معه "كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك" تكلم معه بكلماتك ولغتك اجلس وحيدا وحدثه بنضبات قلبك المنكسر فبابه مفتوح لداعيه وحاجبه مرفوع لراجيه وهو قريب مجيب لا تصوره في ذهنك بصورة لا تليق بجماله لماذا تصرف نظرك عن كونه رحيما ودودا لطيفا اياك ان تعتقد بأن بشرا ما أو ما مخلوقا ما على وجه هذه البسيطة هو ارحم بك منه، فلا تظن بالله غير ذلك واستعذ به كلما جاء من الافكار ما يخالف هذه النظرة { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} وان ابيت الا اورادا واذكرا وادعية فعليك بدعاء التوبة للامام زين العابدين عليه السلام، وداوم على الاستغفار كل يوم سبعين مرة، واكثر من قراءة سور التوحيد والعلق والناس، وصلّ على النبي وآله بنية الاستجابة وقضاء الحاجة وتذكر على الدوام ان الله يغفر ولا يبالي ويحب التوابين وانه تعالى هو من وفقك وهداك وانعم عليك بنعمة الايمان وان الشكوك والظنون لواقح الفتن ومكدرات لصفو المنائح والمنن فلا تشك بقين ما وصلك من جميل صفاته واسمائه بل اشكره على جزيل ما انعم به عليك فانظرقليلا حولك الى السواد الاعظم من الناس اللذين لا يتوانون عن ارتكاب الذنوب والآثام وعبادة الشيطان لتستيقظ وتشكر الله على نعمة الايمان. دمت في رعاية الله وحفظه.