كيف بايع الناس الامام الرضا (ع)؟
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن من الأحداث التاريخية، والتي شهد بها الإمامية بل ودونتها كتب الفرق الإسلامية، هي قضية قبول الإمام عليه السلام بولاية العهد، فحدثنا التأريخ أنه لمّا قدم الرضا (عليه السلام) إلى مرو، أكرمه المأمون ورحّب به وجمع خواصّ أوليائه وأصحابه وصار يمدح مولانا الرضا (عليه السلام) ويشير إلى فضله على سائر خلق ربه وقال ما نصه:
فلم أرَ أفضل ولا أورع ولا أحق من عليّ بن موسى بالخلافة.
ثم إنه قد اعترف بأن المنصب هذا لابد وأن يكون لسيدنا الرضا (عليه السلام ) ولأجل ذلك قال:
إني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك .
إلا أن الإمام عليه السلام الناطق بالحق المسدد والمؤيد من ربه والمعتمد عليه في كل أموره أجابه قائلا:
إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِلَافَةُ لَكَ وَ جَعَلَهَا اللَّهُ لَكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْلَعَ لِبَاساً أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ وَ تَجْعَلَهُ لِغَيْرِكَ وَ إِنْ كَانَتِ الْخِلَافَةُ لَيْسَتْ لَكَ فَلَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ لِيَ مَا لَيْسَ لَك (1)
إلا أن هذا الظالم أصر عليه إصرارا شديدا وقابل الإمام الإصرار بالرفض الشديد أيضا
فما كان منه إلا أن عرض عليه ولاية العهد قائلا:
فكن وليّ عهدي لتكون لك الخلافة بعدي
وحينما جاء الرفض من سيدنا الرضا ما كان من هذا اللعين إلا أن كشر عن أنياب حقده وبانت حقيقة أمره وأجبر الإمام عليه السلام على القبول بها مكرها له مهددا إياه بالقتل إن لم يفعل حيث قال له:
فَبِاللَّهِ أُقْسِمُ لَئِنْ قَبِلْتَ وِلَايَةَ الْعَهْدِ وَإِلَّا أَجْبَرْتُكَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلْتَ وَإِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَك
وهنا آلت الأمور دفعا من إلقاء النفس بالتهلكة أن قبل بالأمر قبولا مشروطا بأن لا يولي أحدا ولا يعزل أحدا ولا ينقض رسما ولا سنّة، فتكون ولاية شكلية ليست حقيقية وإنما محض اعتبارية
وتم ذلك في السادس من شهر رمضان المبارك كما يظهر من كتاب تواريخ الشريعة للشيخ المفيد بعد أن هيّأ المأمون مجلسا عظيما وأجلس الإمام الرضا (عليه السلام) على كرسيّ في جنبه وجعل له الوسادة وجمع الأكابر والأشراف والسادة والعلماء وأمر ابنه العباس أن يبايع أوّل الناس، فبايع ثم بايع الناس عليّا الرضا (عليه السلام).
وأخذ يمارس سياسات حتى يظهر الأمر حقيقيا وحتى لا يظن الناس أن الأمر صوري كضربهم السكك باسمه، وتزويج ابنته أمّ حبيب للإمام، و عقد ابنته الأخرى أم الفضل لابنه محمد التقي (عليه السلام)
ونلفت نظر السائل الكريم إن أحب المزيد والتفصيل لأن ما ذكرناه يُعد قليلا قليل فعليه مراجعة كتاب العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام
دمتم موفقين لكل خير
المصدر:
(1) الأمالي(للصدوق)، النص، ص: 69