طالب العلم في مراحل دراسته الأولى وعند التعرف على الأمراض الأخلاقية يصبح لديه وسواس باي عمل يقوم به من انه يحوي رياء أو عجب وحتى النية إن كانت خالصة لله.
كيف يميّز إن كانت هذه وسوسة أو هو حقا مصاب بمرض من هذه الأمراض. وما العلاج لذلك؟
تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن الالتفات إلى أحوال النفس والتدقيق في توجهها إلى الله تعالى هو توفيق ومنحة من الله تعالى، والتأمل في مقاصد النفس من أشرف متعلقات التأمل، وعليه أول ما ينبغي أن يُعمل بعد الشكر على هذه النعمة أن ندعوا الله بشكل دائم للتوفيق على الثبات عليها، ومن ثم أن نحذر من وسوسة الشيطان لنا فيها، فإنّ المجال الفكري هو كمينه الدائم، والاغواء هو هدفه الأساس، والوصول إلى الاخلاص هو مقتله، وبالتالي فإنّ أيَّ عبدٍ يقترب أكثر إلى الإخلاص سوف يزداد الرصد الإبليسي لمسلكه، وسوف يكون عرضةً للعديد من الوساوس والمناجاة الشيطانية التي هدفها الأساس أن تبعده عن هذا المسار..
المراد من هذه المقدمة أن نعلم أنَّ الوسوسة بالعنوان العام سيما في محل الكلام هي حالة طبيعية تعتري النفس وفقا لهذا المسار، والمراد كل المراد هو عدم الاستجابة لهذه الوساوس والاستعاذة بالله منها، وحقيقة الاستعاذة بالله هي اللجوء إلى الله تعالى العليم الحكيم الشافي المعافي، وعلامة التفريق بين التدقيق الحق والوسوسة الإبليسيّة هي في الخفة والثقل، فإن كانت هذه الافكار تثقل النفوس في مقام تلبيتها لنداء العمل، بأن تجعل العمل ثقيلا على النفس وربما تدفع باتجاه إبطاله وإعادته فهي من الشيطان، وإن كانت تستجلب الشوق والرغبة رغم كلفة التوجه ومجاهدة النفس في مقصدها فإنها توفيق من الرحمان الرحيم، وذلك أنّ الدقة ومجاهدة النفس تمتزج فيها اللذة لترسم معالم الجمال والجلال كما لا يكون عسرا بلا يسر.
وعليه فإنّ التنبه إلى ضرورة الاخلاص والحذر من الرياء والعجب وغيرها من الآفات هي من المجاهدات المطلوبة ومن السبل الواضحة الموصلة إلى الإخلاص. وإن كان الأمر كذلك، فإنّها ستقع في مسار الحق المؤدي إلى التفاعل المنتج للعمل الذي من علاماته الشوق والرغبة كما ذكرنا، ومن هنا ينبغي أن تعلم عزيزي السائل أنَّ الحذر من الرياء أو العجب هو أمرٌ مطلوب على نحو الدوام، والاخلاص في العمل هو غاية المجاهدة، وبالتالي فإنَّ الإخلاص مرتبة نحتاج الى مجاهدة للوصول إليها مما يعني أننا لسنا حائزين عليها، وبالتالي نحن عرضة للرياء والعجب وغيرها، وهذا ما يستدعي الحذر الدائم، وعندها لن يكون كل اتهام للنفس بالرياء والعجب وسوسة، بل هو حالة واقعية للنفس. ومعيار التفريق هو ما ذكرنا من كون الأفكار هذه تستتبع ثقلا أو خفة عند النفوس فإنّ المؤمن يتهم نفسه دائما ولا يرى أنّ عمله لائق بالله، إذ كيف يكون المتناهي لائقا باللامتناهي، وعليه فهو يشعر دائما بالتقصير ولا يرضى عن عمله.. ويسعى جاهدا أن يكون من المخلصين، ولكن كل هذه الافكار عنده لا تُذهب من لذة الطاعات والأنس بالله.. أما لو كانت وساوس من الشيطان فإنها ستجلب حزنا مذموما وثقلا في النفوس كما ذكرنا..
ربما كان الهدف من السؤال أن تحرز كون هذه وساوس، وأنّك خالٍ من الرياء والعجب، ولكن النصح يقتضي أن نتهم أنفسنا باليقين الكاذب إن رأينا الخلاء من الرياء والعجب وباقي الآفات؛ لأنه لا يخلو منها على اختلاف مراتبها إلا من عصم الله، وقد اتضح لكم كيفية التفريق بين الحذر والاتهام عن الوسوسة الشيطانية على أنّ هذا معيارا من المعايير ليس إلا.
أمّا العلاج فإن كان المراد علاج الوسوسة أو كان المراد العلاج من تلك الأمراض فإنَّ لكل منها مسار يختلف عن الآخر لذا يرجى مراجعة الكتب المتخصصة بذلك لأن تفصليه لا يتناسب مع هذا المختصر (كتب الاخلاق والسير والسلوك)
موفقين لكل خير ان شاء الله.