و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
صحيحٌ أنّ الآيةَ لم يرو نزولها في ضربة عليٍّ (عليه السلام)، فاستعمالُ الآيةِ في ذكرى شهادته تعبيرٌ أدبيٌّ عن تصوّرٍ خاصّ لدى المتكلّمين، وهذا بابٌ من أبواب البلاغة العربيّة، قد يسمّى بالاقتباس، ومثاله قول الشاعر [من بحر السريع المرفَّل]:
أَوحَى إِلَى عُشَّاقِهِ طَرفُهُ **** هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَا
فعجز البيت مُقتَبَس من الآية السادسة والثلاثين من سورة المؤمنون.
فقول الشيعيّ في ذكرى شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام): اقتربت الساعة وانشقّ القمر، قد يكون من هذا الباب.
بيان ذلك: أنّ المقتبس أراد أن يشبّه أمير المؤمنين (ع) بالقمر، وجعل ضربته من علامات الساعة، من دون أن ينسب ذلك إلى الله عزّ وجلّ.
على أنّه قد ورد: "عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز وجلّ والشمس وضحاها، قال: الشمس رسول الله (ص) أوضح الله به للناس دينهم، قلت: والقمر إذا تلاها قال: ذلك أمير المؤمنين (ع)" [تفسير القمّي ج2، ص424].
بيان الإمام (عليه السلام) أنّ الشمس رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والقمر أمير المؤمنين (عليه السلام) يسمّى في علوم القرآن ببيان بطن الآية.
فقد يكون المقتبس استند في بيانه إلى مثل هذه المرويّات مستفيدًا من التشبيه الضمنيّ، فشبّه عليًّا (عليه السلام) بالقمر، على غرار قول أبي فراس الحمدانيّ [من بحر الطويل]:
سَيَذكُرُنِي قَومِي إِذَا جَدَّ جِدُّهُم
وَفي اللَّيلَةِ الظَّلمَاءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
حيثُ شبّه نفسه بالبدر الذي ينير عتمةَ لياليهم، كما شبّه ضرّاءهم بالليلة الظلماء.
دمتم موفقين لكل خير.