هل يوم القيامة واجب؟
ومتى يكون؟
تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إنّ الإيمان بيوم المعاد من أركان الدين الإسلامي، فهو من المسائل التي اتفق عليها أهل هذا الدين.
نعم، لا يمكن لأحد تحديد يوم القيامة والاطلاع على زمن وقوع ذلك فإنّ شأن يوم القيامة بيد الله تعالى وهو لم يُطلع احداً على ذلك، ومن هنا جاء قوله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه واله وسلم: (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) فإنّ الآية تذكر سؤال الناس عن الساعة وانما كانوا يريدون أن يقدّر لهم زمن وقوعها وأنها قريبة أو بعيدة كما يومي إليه التعبير عنها بالساعة، فأمر أن يجيبهم بقصر العلم بها في الله سبحانه وعلى ذلك جرت الحال كلما ذكرت في القرآن.
وقوله: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) زيادة في الابهام وليعلموا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل غيره في عدم العلم بها وليس من الستر الذي أسره إليه وستره من الناس.
وكذلك قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، فقوله: " لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ" أي لا يظهرها ولا يكشف عنها في وقتها وعند وقوعها إلا الله سبحانه، ويدل ذلك على أن ثبوتها ووجودها والعلم بها واحد أي إنها محفوظة في مكمن الغيب عند الله تعالى يكشف عنها ويظهرها متى شاء من غير أن يحيط بها غيره سبحانه أو يظهر لشيء من الأشياء وكيف يمكن أن يحيط بها شيء من الأشياء أو ينكشف عنده، وتحققها وظهورها يلازم فناء الأشياء، ولا شيء منها يسعه أن يحيط بفناء نفسه أو يظهر له فناء ذاته، والنظام السببي الحاكم في الكون يتبدل عند وقوعها، وهذا العلم الذي يصحبها من هذا النظام.
ومن هنا يظهر: أن المراد بقوله: " ثقلت في السماوات والأرض " - والله أعلم - ثقل علمها في السماوات والأرض وهو بعينه ثقل وجودها فلا ثمرة لاختلافهم في أن المراد بثقل الساعة فيها ثقل علمها عليها، أو المراد ثقل صفتها على أهل السماوات والأرض لما فيها من الشدائد والعقاب والحساب والجزاء، أو ثقل وقوعها عليهم لما فيها من انطواء السماء وانتشار الكواكب واجتماع الشمس والقمر وتسيير الجبال، أو أن السماوات والأرض لا تطيق حملها لعظمتها وشدتها.
وذلك أنها ثقيلة بجميع ما يرجع إليها من ثبوتها والعلم بها وصفاتها على السماوات والأرض، ولا تطيق ظهورها لملازمته فناءها والشئ لا يطيق فناء نفسه.
ومن ذلك يظهر أيضا وجه قوله سبحانه: " لا تأتيكم إلا بغتة " فإن البغتة والفجأة ظهور الشئ من غير أن يعلم به قبل ظهوره، والساعة لثقلها لا يظهر وصف من أوصافها، ولا جزء من أجزائها قبل ظهورها التام، ولذلك كان ظهورها لجميع الأشياء بغتة.
دمتم موفقين لكل خير.
المصدر:
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤٦ + ج ٨ - الصفحة ٣٧٠ + 371