وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبعد فإنَّ هذا العنوان لم يرد في آية أو رواية واصلة إلينا وقد وقع الاختلاف بين العلماء في تعليل الفرحة
وإنَّ تعليلها بأنّه لمقتل عمر ليس بالأمر الواضح خصوصا أننا سنعرض كلاما فيما بعد ينتفي معه هذا الاحتمال ويبطل بتبعه ما صاغوه من الاستدلال.
ولذلك فقد أجاب المحقق المرحوم السيد جعفر مرتضى( قدس سره) قائلا:
فقد ذكرنا في بعض مؤلفاتنا: أنهم يقولون: إنَّ يوم فرحة الزهراء «عليها السلام» هو التاسع من شهر ربيع الأول.. وإن هذا لا يتناسب مع ما يقال في يوم وفاة عمر بن الخطاب، من أنه مات في ذي الحجة. وأين ذو الحجة من شهر ربيع الأول..
ولكننا وإن كنا قد حققنا: أن قولهم: بأن عمر مات في ذي الحجة غير دقيق أيضاً. وذكرنا ما نستند إليه في قولنا هذا..
غير أنَّ ما نريد أن نؤكد عليه هنا: هو أنه حتى لو ثبت بالإجماع أنه قد مات، أو قتل في التاسع من ربيع الأول، فلا يمكن القول: بأن يوم فرحة الزهراء «عليها السلام»، قد اتخذ استناداً إلى قتل عمر في ذلك اليوم..
وذلك لوجود سببين آخرين، هما الأقرب إلى الإعتبار، والأوفق بمساق الأمور، وهما:
الأول: إن أعظم المصائب والرزايا التي حلت بالزهراء «عليها السلام» وبأهل البيت، وبالإسلام كله بصورة عامة هو استشهاد ولدها الإمام الحسين «عليه السلام»، على ذلك النحو الفظيع والفجيع.
وقد هونت هذه الجريمة على بني أمية ارتكاب سائر الجرائم، وهتك الحرمات، مهما عظمت.. حتى لقد باشروا هدم الكعبة وإحراقها. وكان بعض جبابرتهم ـ وهو الوليد بن يزيد ـ يعد العدَّة ليشرب الخمر على ظهرها، في خيمة كان قد أعدها لهذا الغرض..
وكان قتل المختار الثقفي لقتلة الإمام الحسين «عليه السلام» بمن فيهم عمر بن سعد قد هوّن المصاب وخفّف من لوعة أهل البيت، ولو بمقدارٍ ما، ولذا فلا عجب إذا كان هذا اليوم يوماً تفرح فيه الزهراء «عليها السلام».. ولذلك قالوا «عليهم السلام»: ما اكتحلت هاشمية قط حتى جاءهم خبر قتل أولئك العتاة الظلمة، والفجرة الأثمة..
وإنما ظهرت تباشير نصر حركة المختار «رحمه الله» الذي حقق هذا الإنجاز العظيم في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول..
الثاني: إنّ هذا اليوم قد توافق أيضاً مع اليوم الأول الذي بدأت فيه إمامة قائم آل محمد «عجل الله تعالى فرجه»، وهو «عليه السلام» الطالب الحقيقي بدم المقتول بكربلا، وهو معز الأولياء ومذل الأعداء..
وهذا أيضاً يثلج ـ بلا ريب ـ قلب الزهراء «عليها السلام»، وقلب كل مؤمن، وولي، ونبي، ووصي، من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
فكانت فرحة الزهراء «عليها السلام» في هذا اليوم أعظم، والسرور فيه أتم..
ولن يلتفت أحد في هذا اليوم إلى من مات ومن عاش، ولا مورد للحديث عن الشماتة، أو الفرح بهذا أو ذاك.. فإن طرح الامر بهذه البساطة والسذاجة قد يكون استخفافاً بأهل الدراية، وسعياً للتمويه على ذوي البصائر.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
المصدر: