وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ورد في المناجاة عن المعصومين عليهم السلام: الهى ان لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك في واضح الطريق، فالتوفيق هو توجيه الاسباب نحو المطلوب وهو الخير، والله تعالى ولي التوفيق ومسبب الاسباب ولولا توفيقه وتسبيبه لم يمكننا معرفته والسلوك نحوه فله الحمد على توفيق الحمد وهو المبتدئ بالنعم قبل استحقاقها.
فلما كان الله تعالى ولي التوفيق فلا شك ولا ريب أن من أهم أسباب التوفيق هو الدعاء في الحصول على التوفيق لذلك ورد "اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية".
فعن الإمام علي (عليه السلام): التوفيق عناية
وعنه (عليه السلام): التوفيق رحمة
وعنه (عليه السلام): التوفيق من جذبات الرب
والعناية والرحمة والجذبة كلها منائح ربانية على الانسان ان يسأل الله تعالى أن يمن عليه بها، فالامر الاول من الاسباب إذا هو الدعاء.
ثم الاجتهاد في العمل، ورد عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال:- مَنْ سَأَلَ اللهَ التَّوْفِيْقَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ فَقَدْ اسْتَهْزَأَ بِنَفْسِهِ.
أي على الانسان أن يسأل الله تعالى أن يوفقه، وعليه أن يأخذ بالاسباب وأن يعمل، بل عليه أن يحرض على ايجاد ما يحتاجه العمل من شروط وضوابط ليكون مقبولا ومرضيا، وأهمها النية:
قال عزّ و جلّ: «إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما» فجعل النيّة سبب التوفيق و قال عليه السّلام: «إنّ اللّه عزّ و جلّ: لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و إنّما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم و إنّما نظر إلى القلوب لأنّها مظنّة النيّة.
فالدعاء والنية والعمل الصالح، فمن قدر على ذلك دخل في دائرة مصاديق التوفيق، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): في قوله تعالى على لسان نبيِّ الله شُعَيب (عليه السّلام) {وما تَوفيقي إلاّ باللهِ}: إذا فعَلَ العبدُ ما أمَرَه اللهُ (عزّ وجلّ) به من الطاعة، كان فعلُه وفْقاً لأمر الله (عزّ وجلّ)، وسُمِّيَ العبد به مُوفَّقاً
وعليه، فعلى العبد إن اراد أن يكون موفقا أن يسأل الله التوفيق، وان يسعى لتهذيب نواياه، وأن يجتهد في ترك الذنوب، فإن من الذنوب من يسلب توفيق الطاعة، فكل ما يقوي على الانسان على ترك الذنوب يعتبر مدخلا للتوفيق، لذا كن ذاكراً لعظمة ربّك، وتذكّر نعمه وألطافه، وتذكّر أنّك في حضرته، وفي جميع الأحوال لا تعلّق على نفسك الآمال، فاطلب من الحقّ تعالى نفسه بتضرّع وخشوع، كي يعينك في هذه الدنيا ان تكون من الأولياء الصالحين، إنّه وليّ التوفيق.
دمتم موفقين لكل خير.