وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾
إن هذه الآية الشريفة تعطي : أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقطع دابر أية فرصة للإساءة إليه (صلى الله عليه وآله) ، وإلى نبوته ، فيزيل أي ريب أو شبهة يمكن أن تثار حول نبوة نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وتتأثر بها نفوس الضعفاء .
وما يوجب الريب هو أن يكون (صلى الله عليه وآله) قد قرأ كتب السابقين عند البشر ، أو تعلم منهم ، وأخذ عنهم . . فإذا تحقق لدى الناس أنه لم يقرأ قبل بعثته عند أحد ، فإذا جاء بهذا الدين ، وصار يعرف القراءة والكتابة بصورة إعجازية ، من دون معلم ، فإن ذلك يضطرهم إلى الإيمان والتسليم . .
فالمهم إذن هو أن لا يكون قد تعلم شيئاً عند أحد ، فإذا حصلت له هذه العلوم كفى ذلك لتحقق مصداق قوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ... ﴾، ولا بد لهم في هذه الحالة من الإيمان والتصديق به بمجرد أن يبعث ، ويرونه قد أصبح عارفا بالقراءة والكتابة ، وبكل هذه العلوم والمعارف والتشريعات ، التي يعجز البشر عن نيلها .
ولا حاجة بعد ذلك إلى أن يبقى النبي (صلى الله عليه وآله) عاجزاً عن القراءة والكتابة بنظرهم وإلى أن يموت ، فإن ذلك سيكون من حالات النقص في شخصيته عندهم . وقد ثبت بالبراهين والأدلة العقلية والنقلية ، أنه منزه عن كل عيب ونقص .
ثم إنّ من الواضح : ان القراءة والكتابة لا تقصد لذاتها ، وإنما هي من العلوم الآلية التي يكون القصد إليها للتوصل إلى غيرها . وهو نيل المعارف عن طريقها . .
فإذا كانت المعارف والعلوم حاضرة لدى الرسول (صلى الله عليه وآله) ويراها رأي العين . وهو يخبرهم بها ، ويرون صدقه بصدقها ، فإن البحث عن وسيلة أخرى عاجزة عن إحضارها لديه ، وعن إراءتها له . . بل هي توجد له حالة تخيل وتصور لها لا أكثر ، إن البحث عن هذه الوسيلة العاجزة ، يصبح سفها غير مقبول . . ويكون بذلك كالذي يجد حبيبه إلى جنبه ، ثم يطلب النوم لعله يراه في عالم الرؤيا .
دمتم موفقين لكل خير