وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا يمكن لنا الحديث عن ظلم لأهل النار من الكفار والعصاة الا فيما لو ثبت أنَّ هذه النتيجة حتمية ومن صنع الله تعالى بهم، أمّا اذا كانت النتيجة هذه من صنع الانسان نفسِه وهي غير حتمية بمعنى أنَّ الانسان هو الذي يختار طريق الكفر أو العصيان مع إمكان اختياره لطريق الايمان والطاعة، ابتداءً واستمرارًا، فلا مجال عندها لنسبة الظلم إليه تعالى فالعقاب ليس الا حصاد ما زرع الانسان، وخاصّة أنّ الله تعالى قد خلق الانسان للجنة، ولا يريد له الا الجنة وما العقل والانبياء والرسل والائمة والعلماء والمبلغون الداعون الى الله تعالى الا دليل على ذلك، فقد خلقه الله تعالى ومهّد له أرضية الهداية وسهّل له سلوك طريق الخير، ولم يكن فتح طريق الكفر والعصيان الا من باب اكتمال عناصر الاختبار وانتفاء الجبر تمهيدا لاستحقاق الثواب:
يقول تعالى : " انا هديناه السبيل "
نعم، الانسان اذا اساء الاختيار وضيّع السبيل فقد ظلم نفسه.
يقول تعالى: " اما شاكرا واما كفورا ".
فقد نسب الله الهداية اليه، ونسب الشكر او الكفران الى العبد نفسه.
نعم، قد يوفق الله للطاعة أحيانا وقد يوكل المرء الى نفسه أحيانا اخرى، ولا يكون هذا الا بتسبيب الانسان الخذلان من الله تعالى له، وليس هنا محل التفصيل في أسباب التوفيق وأسباب الخذلان.
ثم إنَّ علم الله تعالى بمآلات الأمور لا يعدو كونه علما بما سيختاره الانسان وبما سيترتب على اختياره من نتيجة وهذا لا يؤثر على كون ما صدر من الانسان قد صدر منه هو وبمحض ارادته واختياره.
وفي نهاية الجواب يمكن أن نشير إلى فكرة تحتاج الى تفصيل في محله، وخلاصتها أنّ الخالدين في العذاب هم فئة محددة من الناس، وأمّا الباقون فيكون العذاب تطهيرا لهم تمهيدا لاسكانهم الجنة بعد ذلك، ولكن بالتأكيد مع فارق بين جنتهم وجنة أهل الايمان والطاعة.
دمتم موفقين لكل خير