وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لننطلق بداية من توصيف الإمام الحسين عليه السلام والأئمة الأطهار لأصحاب الإمام الحسين عليه السلام، ولنا في هذا المجال عدّة روايات:
الرواية الأولى: روي عن الإمام الحسين عليه السلام أن قال: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي [الإرشاد ج 2 ص 91].
الرواية الثانية: وروي أنه قال أيضا: والله لقد بلوتهم، فما وجدت بينهم إلاّ الأشوس الأقعس، يستأنسون بالمنية دوني استيناس الطفل إلى محالب أُمّه [مقاتل الطالبيين: 74].
الرواية الثالثة: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في زيارتهم: "أنتم سادة الشهداء في الدنيا والآخرة" [فروع الكافي ج 4 ص 574].
الرواية الرابعة: عن أمير المؤمنين عليه السلام لمّا مرّ بكربلاء وطاف بها: قال: "قتل فيها مائتا نبيّ ومائتا سبط كلّهم شهداء، ومناخ ركاب ومصارع عشاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من بعدهم" [بحار الأنوار ج 45 ص 41 ص 295].
هذه الروايات يُستفاد منها بوضوح أفضلية أصحاب الإمام الحسين عليه السلام على كل أصحاب الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
ولكن ما هو المراد من الأفضلية في المقام؟
المراد من أفضلية وخيرّية أصحاب الحسين (عليه السلام) على من تقدمهم وعلى من تأخر عنهم من أصحاب المعصومين (عليهم السلام) هو الأفضلية بلحاظ صفة صحبتهم ومجموعهم لا بلحاظ كل واحد منهم مع كل واحد من أصحاب بقية المعصومين (عليهم السلام).
فقد ورد في بعض الزيارات لهم (عليهم السلام) في نهاية الزيارة (اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا لهم صحباً أوفياء).
وفي رواية أخرى (اللهم أجعلنا لهم سامعين مطيعين وأولياء مخلصين ورفقاء مصاحبين).
وهذا يبّين لنا معنى الصحبة وأنّ مقتضاها الوفاء، والرفق، والإخلاص، والطاعة.
وهذا الذي نراه في أصحاب الحسين (عليهم السلام) حيث كانوا أشد رقة وعناية وتفانٍ واستماتة في الحسين (عليه السلام) من حواريي أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كسلمان وأبي ذر والمقداد وعمار، وكذا بالمقارنة مع حواريي أصحاب الأمير (عليه السلام) والحسن (عليه السلام) ، وكذا بقية حواريي أصحاب الائمة (عليهم السلام) وأصحاب المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فإنّ علاقة الحسين (عليه السلام) مع أصحابه وكذا مع أهل بيته (عليهم السلام) كانت قائمة على قمة شدة الحب والذوبان والتفاني التي لا تعرف الترديد ولا تعرف التجاذب إلى جهة أخرى، بل اندفاع هادر في التعلق بالحسين (عليه السلام)، وانشداد إلى نوره وجماله المعنوي من دون فتور ولا توانٍ ولا ميول إلى غيره.
وقد محّص الحسين (ع) من جاء معه عدّة مرات ليبقى المخلص للحسين (عليه السلام) لا للنصر ولا للمال ولا لعرض دنيوي آخر، وقد امتحن أمير المؤمنين (عليه السلام) الأربعة الأوتاد ولم يكن اندفاعهم كأصحاب الحسين (عليه السلام) في الفداء عدا المقداد، ومع ذلك فإنّ ذلك لا يخدش في تفوق سلمان على المقداد، فإنّ درجة علم سلمان تفوق فضيلة صلابة إيمان المقداد.
ومن ذلك يتضح أنّ أفضلية أصحاب الحسين (عليه السلام) في الصحبة والوفاء والعناية والرفاقة أشد ما يمكن، وهذا لا يتنافى مع أفضلية سلمان في صفة أخرى بها يتفوق وهي العلم.
دمتم موفقين لكل خير.
المصادر:
أفضلية اصحاب الامام الحسين (ع) على اصحاب الرسول (ص)- الشيخ السند.
الأسئلة العقائدية