وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
السائل الكريم
قبل الإجابة المباشرة عن سؤالكم، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الإنسان مسؤول عن البحث والتحري والتنقيب لإثبات الحق في الجانب العقدي فيتبنى ما توصل إليه من رؤية وقناعة حول الوجود والكون، بدءًا من إثبات الخالق مرورا بالتصديق بالأنبياء والرسل عليهم السلام وصولا الى اختيار الديانة الصحيحة التي تحاكي قناعاته ورؤيته الكونية، فإذا أدرك أنَّ الحق يتمثل بالإسلام المحمدي الأصيل، والحقُّ واحدٌ لا يتعدد، نبذ كل ما سواه وصاروا عنده في خانة الباطل الذي لا بدَّ من الإعراض عنه والحذر منه، وصار لزاما عليه أن يدرك أنّ أتباع الباطل، عن سبق إرادة وتصميم، لا كرامة لهم عند الله عزَّ وجل، وصار لزاما عليه أيضًا أن ينطلق في قبول أو رفض، وفي تفسير أو تأويل ما يُعرض عليه أو يطرق سمعه أو يراه، من قضايا ومسائل كتلك التي بين أيدينا، مستندا في ذلك الى مبانيه العقدية ومنطلقاته الفكرية والا عاد غير معتقد ولا معتنق أو مقتنع.
انطلاقا مما تقدم، ولأننا نرى أنَّ ما سوى الإسلام المحمدي الأصيل باطل لا يرضي الله تعالى وهو القائل عزّ من قائل : " إن الدين عند الله الإسلام "، وقال أيضا في رفض للشرك " لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة"، كما قد صدح القرآن الكريم في استنكار الإلحاد بالقول " أفي الله شك فاطر السموات والأرض"، انطلاقا من هذا فان نظرتنا وقبولنا أو رفضنا أو تفسيرنا وتأويلنا لبعض ما يحكى عن "كراماتٍ" مدّعاةٍ لبعض أهل الباطل يمكن أن يكون أحد امرين _ على سبيل المثال لا الحصر_ :
١ _ إما أنّ ما يُحكي ليس سوى خبرٍ غير مثبت شاع وانتشر ولا أساس له من الصحة وإنما اخترعه مغرضٌ أو توهّمه متوهم.
٢_ وإما أن من حصلت له " الكرامة" هو من المستضعفين وكان يرى أنّ ما هو عليه هو الحق لقصور عنده في القدرات أو الإمكانات التي تتيح له فرصة إدراك الحق وأن ما هو عليه هو الباطل، إلا أنّه يؤمن بالله تعالى وبقوته وقدرته ويعترف بضعفه هو وفقره وحاجته، فلجأ إليه عز وجل بصدقٍ منكسرَ القلب متوسلا به جل ثناؤه وتقدّست أسماؤه، مخطئا في اختيار الوسيلة، فرحم الله تعالى _ برحمته الرحمانية_ حاله وعَبرته وانكسار قلبه، وقد "سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أين الله؟ فقال: عند المنكسرة قلوبهم." (بحار الأنوار ج ٧ ص ١٥٧).
وربما كافأه الله تعالى على بعض ما قام به من أعمال الخير التي يعجّل الله تعالى له الأجر عليها في الدنيا، دون أن يعني أيٌّ من ذلك أنه أو من يتوسّل به مرضيّان عند الله تعالى فضلا عن أن يكونا من أهل الكرامة عنده عز وجل.
إن أبيت هذا وذاك وكنت من راسخي الإيمان والاعتقاد وكنت في ذات الوقت على يقين من حصول هذه " الكرامة " أو ذاك الشفاء فما عليك إلا أن ترد أمرها وعلمها الى الله عزوجل وهو الذي " لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون"
والحمد لله رب العالمين.