وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما يرتبط بخصوص الروايتين المذكورتين في السؤال ورأي السيدين (حفظهما الله) فيهما، فلا يتيسر لنا ذلك، حيث إنّ أغلب مواقع المراجع معنيّة بالإجابة عن الإستفتاءات التي ترتبط بالمكلف مباشرة ولا يتيّسر لهم الإجابة عن كلّ رواية وإثبات أو نفي سندها والكلام في دلالتها، ولكن ما يمكننا ان نقدمه لك هو مختصر مفيد فيما يتعلق بالخيرة والروايات الدالة عليها وكيفية إتباعها.
أولا- الأخبار الواردة عن أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم أجمعين) في الاستخارة كثيرة، ويُستفاد من مجموع هذه الأخبار أن الاستخارة على نوعين:
النوع الأول: طلب الخيرة من الله تعالى والمراد بها ابتهال العبد إلى الله تعالى في أن يختار له في ذلك الأمر ما هو الخير له، فإن كان خيراً له سهّله ويسّره، وإن لم يكن خيراً صرفه عنه ومنعه منه.
وممّا دلّ على هذا المعنى ما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) بسند صحيح، قال: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) : " صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَخِرِ اللَّهَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَخَارَ اللَّهَ مُسْلِمٌ إِلَّا خَارَ لَهُ الْبَتَّةَ " (الكافي : 3 / 470).
ومنها أيضا ما نُقل في السؤال من روايات فهي ظاهرة في هذا المعنى أيضًا.
النوع الثاني: طلب تعرُّف ما فيه الخير من اللّه تعالى وهو المعروف اليوم باسم الاستخارة.
ثانيا- لقد أولت المصادر الإسلامية- كتاباً وسنة- قضية العقل والتفكير والتأمل في الأشياء ومعالجة القضايا التي تواجه المؤمنين بطريقة عقلية أهميةً كبرى وجعلت المعيار في الكثير من الحالات الحجّة الباطنية المتمثلة بالعقل، فقد أكّد القرآن الكريم كثيراً على التعقّل والعقلانية، بل جعل الإنسان الذي لا يستثمر هذه النعمة الإلهية بمثابة الأنعام بل أضل سبيلا.
كذلك أكّدت المعارف الإسلامية على ضرورة اعتماد السبل والعوامل المساعدة في اتخاذ القرارات الصحيحة والخطوات الصائبة التي يقع في مقدمتها عنصر الاستشارة والاستعانة بعقول وتجارب الآخرين.
لكن قد يحدث رغم اعتماد الإنسان سبيل العقل والاستشارة والاستعانة بخبرات الآخرين أن تبقى النفس تعيش حالة من عدم الاستقرار والإحجام عن اتخاذ القرار الصائب، ففي مثل هذه الحالة جاءت الروايات لتضع معالجةً لهذا التأرجح وعدم الاستقرار من خلال اعتماد أسلوب الاستخارة.
ومع بقاء حالة الشك على حالها ولأجل التخلّص من حالة التردد والريبة المعطِّلة لعجلة حركة الحياة يُصار إلى الاعتماد على الاستخارة للخروج من حالة السكون والتوقف عن الحركة.
ثالثا- متى تشرع الخيرة؟
السيد السيستاني: المتيقن من مشروعية الاستخارة هو مورد التحيّر بعد الاستشارة.
السيد الخامنئي: إنما تُستخدم الخيرة لرفع الحيرة والتردد في الإتيان بالأعمال المباحة، سواء كان التردد في أصل العمل أو في كيفية الإتيان به، فما لا حيرة فيه من الأعمال الخيرية لا موضوع للخيرة فيه. وليست الخيرة لمعرفة مستقبل الشخص أو العمل.
رابعا- هل يلزم العمل بالخيرة؟
السيد السيستاني والسيد الخامنئي:
لا يوجد إلزام شرعي بالعمل بنتيجة الاستخارة وإن كان الأفضل عدم مخالفتها.
خامسا- هل يمكن تكرار الخيرة على نفس الموضوع؟
السيد الخامنئي والسيد السيستاني:
حيث إنّ الاستخارة لرفع الحيرة، فبعد ارتفاعها بالمرة الأولى لا معنى لتكرارها، إلاّ إذا تغيّر الموضوع.
سادسا- ظهر أن الخيرة هي علاج لحالة التحيّر وليست نافذة للغيب.
سابعا- هل تختص الخيرة بمورد دون مورد؟
السيد السيستاني والسيد الخامنئي:
لا يختص جواز الاستخارة بالقرآن أو بالسبحة بمورد دون مورد.
تطبيق خاطئ للاستخارة:
ما تعارف عند كثير من المؤمنين من عدم الاستجابة لتزويج الخاطب الذي يرتضونه إلاّ بعد الاستخارة بالوجه المتعارف في زماننا ليس له أساس شرعي ولا يناسب النصوص الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) من نبذ فوارق النسب وان المؤمن كفء المؤمنة.
المصدر:
السيد السيستاني: الموقع الرسمي.
السيد الخامنئي: أجوبة الاستفتاءات، س 1434 وما بعده.
الشيخ لطف الله صافي الكلبيكاني: مقال بعنوان مشروعية الخيرة.
السيد الحكيم: الموقع الرسمي.