تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
بالنسبة إلى كون التوبة تتم بالاستغفار، فإن الاستغفار بلا شك هو أمر مطلوب، ولكن التوبة هي الندم والحسرة والحزن بسبب الوقوع في المعصية، والعزم على تركها، وإصلاح العمل.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: {التَّوْبَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ دَعَائِمَ نَدَمٍ بِالْقَلْبِ وَ اسْتِغْفَارٍ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٍ بِالْجَوَارِحِ وَ عَزْمٍ أَنْ لَا يَعُود}(1)، وأيضا قد ورد "مَنْ نَدِمَ فَقَدْ تَاب" (2).
ومن ناحية أخرى قد ورد عن الإمام الرضا عليه السلام: {مَنِ اسْتَغْفَرَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يَنْدَمْ بِقَلْبِهِ فَقَدِ اسْتَهَزَأَ بِنَفْسِه}(3).
وقد ورد في القرآن الكريم:
{وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَ لكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيما} – الأحزاب 5
وفي آية أخرى {وَ لكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُم} – البقرة 225
وعليه فليس المراد من التوبة مجرّد الاستغفار أو قراءة دعاء كميل، وليست التوبة هي التصدق على الفقراء، إنما التوبة هي الندم الحقيقي على المعصية، والتحسر، والقول في قرارة النفس بكل صدق: "يا ليتني لم أقم بهذا" ومع هذا الشعور بالندم يعزم على عدم الرجوع للمعصية، هذه التوبة التي تغفر الذنوب، فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام: "مَا مِنْ عَبْدٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَنَدِمَ عَلَيْهِ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ" (4) {ْ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَ يُعْظِمْ لَهُ أَجْرا}الطلاق-5.
وقد روي أن أحد الناس قال في حضرة أمير المؤمنين عليه السلام: استغفر الله" فقال له الإمام:..أتدري ما الاستغفار؟! إن الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان:
أولها: الندم على ما مضى.
والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا.
والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله سبحانه أملس ليس عليك تبعة.
والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها.
والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت "أي المال الحرام" فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد.
والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية.
فعند ذلك تقول: استغفر الله(5).
وقد ذكر العلماء أن أوّل أربعة أمور هي من الشروط الواجبة للتوبة، وأما الأمران الخامس والسادس فهي من كمالات التوبة.
وعليه فإن أردت أن تتوب فإن عليك أن تسترجع ما اقترفته من الذنوب، وتستذكر حقوق الناس "التصرف في أموالهم سواء عن عمد أو لا وسواء كنت مكلفا أو لا، فإن الحقوق المالية واجب ردها، ثم تنظر في الطاعات أي الاعمال العبادية من قضاء الصلوات الصيام والكفارات والخمس وإلى ما هنالك وتحصيها، ومن المفيد أن تكتب وصية فيها، وتعقد النية على أداء ما عليك من الفوائت، وأن تستغفر الله مستشعرا الندم والحزن كما لو جلست في عزلة وحدك وتفكرت في كل ما مضى عليك من الزمن وما أنت عليه الآن من حال وسأل كيف بك لو نقلت على مثل حالك إلى قبرك، وتعقد النية على التزام طاعة الله ورضاه، ومن المستحبات التي تطفئ غضب الرب هي الصدقة، فتصدق وباشر توبتك واقرارك بذنوبك، ولو راجعت كتب الادعية ستجد العديد من الادعية التي وردت في مقام التوبة، من قبيل دعاء التوبة، ومناجاة التائبين، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله لمن أراد ان يتوب آداب منها:
أن يغتسل ويتوضأ، ثم يصلي أربع ركعات: يقرأ في كل منها {الحمد} مرة و{قل هو الله أحد} ثلاث مرات {والمعوذتين} مرة ثم يسـتغفر سبعين مرة، ثم يختم بكلمة : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ثم يقول سبع مرات:
يا عزيز ! يا غفار ! اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
فإن من قام بهذا العمل قبلت توبته، وغفرت ذنوبه، ورضي عنه خصماؤه يوم القيامة، ومات على الإيمان وما سلب منه الدِّين، ويُفسح في قبره ويُنوَّر فيه، ويرضى عنه أبواه، ويُغفر لأبويه ولذريته، ويوسَّع في رزقه، ويرفق به ملك الموت عند موته، ويخرج الروح من جسده بيسر وسهولة .
نسأل الله لكم دوام التوفيق والعافية، وحسن الخاتمة.
الهوامش:
(1) بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج75، ص: 81.
(2) مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج12، ص: 118.
(3) بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج75، ص: 356.
(4) الكافي (ط - الإسلامية)، ج2، ص: 427.
(5) مكارم الأخلاق، ص: 314