ما سبب قول الرسول شيّبتني سورة هود هل لصعوبة الاستقامة؟
تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تعرّض سماحة السيد الخامنئي حفظه الله في لقاء له مع مجموعة من الشباب التعبويين (البسيج) إلى هذه الرواية فذكر ما نصّه:
(وجاء في رواية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «شيّبتني سورة هود»؛ أي شيّبتني سورة هود نتيجة ثقل الأمر الذي تحمله في آية من آياتها؟ وروي أنَّ المراد هو هذه الآية «فاستقم كما اُمرت».
لماذا شيّبت هذه الآية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
لأنَّ الله تعالى يقول في هذه الآية: عليك بالاستقامة والثبات والتحلّي بالصبر في هذا الطريق كما أمرناك. إنَّ هذه الاستقامة عمل شاق، إنَّه الصراط؛ أي حبل الصراط، الذي ضُرِب لنا مثله في يوم القيامة، وهو حقيقة عملنا وسلوكنا في الدنيا، نحن الآن نعبر على حبل الصراط، فعلينا أن نتوخّى الحذر والدقة، ولو أن إنساناً أراد أن يُطبّق هذه الدقة على جميع سلوكه؛ فسوف يشيب بسببها، إلا أنَّ الأهم من ذلك ـ كما أظن ـ هي العبارة التالية:
{ومن تاب معك}، فليس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده مأمور بالاستقامة، بل عليه أن يهدي جمعاً كبيراً من المؤمنين الى الاستقامة في هذا الطريق.
إنَّ الأفراد الذين يكونون عُرضةً للهجوم من قبل آفات الحياة ومفاسدها كـ ـ الأعداء والمتآمرين والظلمة وقوى التسلط ـ من جهة، ومن قبل أهوائهم النفسية ـ الرغبات النفسية والقلوب التي تستميلها زخارف وبهارج الدنيا، وتنجر ورائها ـ من جهة أخرى، سوف ينحرفون يميناً أو يساراً عن جادة الإستقامة، وإنَّ كلاً من حبَّ الذهب والفضة والأموال والرغبات الجنسية والرئاسة وغيرها، يمثل أحبولةً تلقى في قلب الإنسان لينجر ورائها، وإنَّ المقاومة والثبات للحيولة دون أن تنزلق قدم الإنسان نحو ذلك، هو المراد من عبارة {ومن تاب معك}.
إنَّ المؤمنين يقعون تحت تأثير هذين المؤثرين القويين ـ ضغط العدو، والضغط الداخلي للقلب المصاب بالهَوَس ـ وأغلب الظن، أنَّ ما شيّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو همّ هداية هؤلاء المؤمنين نحو الصراط المستقيم، والمحافظة عليه مع تأثير هاتين القوتين الجاذبتين.
ألا تعلمون أنَّه برغم كثرة المخاطر والصعاب إستطاع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتجاوز بالمسلمين ـ سواءً في العهد المكي الذي دام ثلاث عشرة سنة، أو في عهد تأسيس الدولة في المدينة المنورة ـ وأن يوصلهم الى القمم الشامخة؟
إنَّ مثل هذه النهضة العظيمة لم تكن بمقدور أي إنسان أن يقوم بها، إلا أنَّه مع ذلك استطاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القيام بتغيير أفراد ذلك المجتمع ـ المجتمع الذي لم يكن يفقه شيئاً، ولم يتذوّق طعماً للأخلاق الإنسانية ـ إلى أشخاص تتصاغر أمام عظمتهم ونورانيتهم ملائكة السماء، هذه هي الإستقامة التي نحتاجها اليوم).
المصدر: خطبة لسماحة السيد الخامنئي حفظه الله في لقاء له مع مجموعة من الشباب التعبويين (البسيج).