عدم الإيمان الكامل بكل جزء في الدين

Question

هناك بعض الأشياء التي انا مستغربة منها خصوصا ان بعض العلماء اختلف على حكمها
اولا فكرة الانتحار المنتحر لا يدخل الجنة إلا اذا الله رحمه ، ولكنه قد عانى جدا في حياته كي ينتحر
ثانيا ان الزوج لا يجب عليه علاج زوجتها او جعلها تذهب للحج بأمواله ولكن هذا غير منطقي لأنه اذا لم تستطع ان تعمل بسبب الاختلاط مثلا فمن سيصرف عليها خصوصا ان الحج واجب وبالنسبة للعلاج ف التداوي من حفظ ضروريات الاسلام ومنها النفس ثم ان معاملة الانبياء وبعض الصحابة وقصصهم تبين ان هذا الامر كذب
ثالثا لماذا لم يتم ذكر بعض الاشياء والتحذير منها والتي تسبب ضرر هائل على مجتمعنا مثل بر الابناء لأنك كما ترى اغلب الاهل يظلمون ابنائهم ولكن تم التركيز على بر الوالدين فقط

Answer 1

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أوّلاً: لا بدّ لكلّ إنسان مؤمن معتقدٍ بدين أو شريعة ما، وبكون واضع هذه الشريعة هو الله العالم العادل الحكيم أن يسلّم بكلّ جزئيّة تصدر عنه ولو لم يكن قادراً على تعقّلها. نعم، من حقّ المكلّف أن يسأل عن سبب تشريع هذا الحكم او ذاك خصوصاً مع اختلاف الفقهاء في الحكم مثلاً. طبعاً دون أن يتهم الدين بالظلم عند عدم وضوح المسألة لديه.

ثانياً: تجدر الإشارة إلى أنّ الأحكام الشرعيّة مبنيّة على المصالح والمفاسد، وترجيح جانب المصلحة على المفسدة في الواجبات، وترجيح جانب المفسدة في المحرّمات. وبعبارة أخرى تشريع الأحكام لا يعني دائماً عدم وجود أي مفسدة ولو صغيرة في الحكم الوجوبي، وكذلك لا يعني عدم وجود أي مصلحة في الحكم التحريمي. فلو نظرنا إلى حرمة شرب الخمر مثلاً لأمكن لنا أن نجد منفعة من الخمر ولو صغيرة لكن الباري تعالى عندما حرّم الخمر نظر إلى عظم المفسدة الموجودة في شرب الخمر. وهكذا في كلّ حكم شرعي، وليس هذا غريباً فهذه هي طريقة العقلاء في التشريع وسنّ القوانين، فكيف بسيّد العقلاء والعالم بكلّ المصالح والفاسد؟!

ثالثاً: كثيراً ما يحتاج استنباط الحكم الشرعي من الفقيه إلى مقدمات كثيرة وعلوم عميقة وطرح وجمع بين الروايات وغيرها. وهذا ما يصعب على غير الفقيه فهمه والغوص به، ومن هنا لا يتمكّن الفقيه دائماً من شرح دليله في كلّ مسألة للناس، علماً أنّ لديه كتباً ومؤلّفات طويلة في بيان استدلاله على كلّ مسألة.

رابعاً: في خصوص ما تفضلتم به من أمثلة يمكننا وبشكل مختصر توضيح بعض النقاط لعلها تنفع في رفع الشبهة التي وقعتم بها.

فنقول: فيما يخصّ المنتحر وأنّه لا يدخل الجنّة، فلا يمكن لأحد الجزم بذلك فرحمة الله واسعة كما ذكرتم، مضافاً إلى أنّ الإنتحار قد يكون قد وقع في حالة عدم اختيار وتعقّل لدى المنتحر، وبهذا يختلف الحكم فيما يتعلّق بالمنتحر. مضافاً إلى أنّ الله عندما حرّم الانتحار إنّما حرّمه لشدّة مفسدته على المجتمع والاستقرار، بل منعاً للمجتمع من اليأس والإحباط. فهو كسائر الأحكام المحرّمة من قبيل حرمة قتل الغير مثلاً، فإنّنا نقول بأنّ قتل الغير يستوجب العقاب لكن لا يمكننا الجزم والقطع بأنّه حتماً سيدخل النار أو يخلّد فيها.

وأمّا فيما يخصّ علاج الزوجة، فنقول: لم يفت الفقهاء بجواز ترك الزوجة على فراش الموت دون معالجتها، بل المسلّم لدى الفقهاء بأنّ حفظ النفس المحترمة هو واجب شرعي، لكن الكلام كلّ الكلام هل هو واجب عيني مثلاً على خصوص الزوج أم هو واجب كفائي يشمل الزوج وغيره؟! بمعنى لو مرضت الزوجة وخيف عليها الموت فيجب معالجتها وحفظ نفسها، لكن الوجوب لا يختصّ بالزوج. وعليه فلا يتنافى الحكم بوجوب حفظ النفس مع الحكم بعدم وجوب معالجة الزوج لزوجته من مثل هذه الامراض.

بقي الكلام عن برّ الاولاد: من الواضح جداً أنّكم غفلتم عن الروايات الكثيرة التي تتحدث عن وجوب حفظ الولد وتربيته تربية صالحة نفسيّة وتربويّة واجتماعيّة، وعن حرمة إهانة الولد وضربه والتشفي منه، بل وصل الأمر في الروايات إلى أنّ من حقّ الولد على أبويه ان يحسنا تسميته بمعنى أنّ لا يسمياه بإسم يعاب به عليه في كبره. وعليه فليس صحيحاً ما تفضلتم به من عدم لحاظ الشريعة حقّ الولد، وتركيزها على برّ الوالدين فقط.

ندعو الله أن يكون هذا المختصر قد فادكم في رفع الشبهة التي تفضّلتم بها.

والحمدلله رب العالمين

دمتم موفقين لكل خير