وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آية الله العظمى السيد الخامنئي وآية الله العظمى السيد السيستاني (حفظهما الله):
ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، ولا بدّ فيه من التعييّن الرافع للإبهام، فلو اتفقا على نسخة من القرآن الكريم وكانت مبهمة من حيث ما يقابل هذه النسخة من الهدية بطل المهر وصح العقد، وكذلك يُشترط أن يكون المهر مما يصح للمسلم تملّكه، ولكن لو جعل المهر مما يحرم تملكه كالخمر، أو لم يكن المال ماله بل مال الغير، فكذلك يبطل المهر دون العقد. ولا بدّ من الإلتفات إلى وجود أحكام تفصيليّة تتعلق ببطلان المهر من كون البديل عن المهر الباطل هل هو مهر المثل أو غيره.
وأمّا فيما يتعلق بتحديد الموقف الوارد في السؤال من كون تلك النسخة التي عيّنها كمهر كانت من مال محرّم فهنا يأتي الكلام التالي:
في البيع الذي يكون الثمن أو المثمن فيه من الأعيان المحرّمة (كالمال المغصوب والمسروق أو المال الناتج عن بيع المحرّمات ....)، توجد لدينا صورتان:
الصورة الأولى: أن يتمّ البيع على خصوص هذه العين المحرّمة كما لو قيل: هذا القميص مقابل هذا الدينار، وكان القميص أو الدينار قد اشتراه بمالٍ محرّمٍ، ويُسمى هذا بالبيع الشخصي. وهنا لا محالة يقع البيع باطلاً بينهما ولا يملك الطرفان ما انتقل إليهما بهذا البيع بل يجب على الذي انتقل إليه المال الحلال ردّه إلى صاحبه كما لو كان هو القميص في مثالنا، ويجب رد المال المحرّم إلى صاحبه الأصلي مع معرفته، ولو لم يعرفه ولا يمكن التعرف عليه جرى على المال المحرّم حكم مجهول المالك فيجب التصدق به عن صاحبه. نعم لو قطعت برضا صاحب المال الأصلي بتصرفك بماله فلا يجب ردّه ولا التصدق عنه، وقد يحصل هذا العلم من خلال أن المالك الأصلي قد اشترى خمراً من شخص وهذا الشخص إستخدم ثمن الخمر لشراء القميص منك، فلو علمت أن الذي اشترى الخمر في البيع الأول قطعاً راضي بتصرف الثاني - أي بائع الخمر - بماله، فهنا لو اشترى الثاني منك القميس بهذا المال يكون البيع صحيحاً ولا يكون المال محرّماً.
الصورة الثانية: بأن يقع البيع على هذا القميص دون تحديد أي دينار سيتم الدفع في مقابله، وهذا ما يسمَّى بيع الكلّي في الذمة وهو الشائع في البيوعات بين الناس فغالباً لا يقصد أيّ بائع أنّه يريد خصوص هذا الدينار أو ذاك. وهنا لا محال يقع البيع صحيحاً ويمكن للبائع أن يطالب المشتري بثمن محلل حيث إنّ ما دفعه إليه من المال الحرام ليس ملكاً له ليدفعه لغيره. ولكن لو بقي هذا المال المحرّم بيدك فيجب ردّه إلى صاحبه الأوّل أو التصدق عنه - كما ذكرنا في الصورة الأولى - ويجري نفس الكلام المتقدّم فيما لو علمت برضا صاحبه الأوّل.
دمتم موفقين لكل خير
المصدر: