لأجل سلوك طريق الحق، واجتناب الباطل، لا بد من العودة إلى القرآن الكريم أولاً، وجعله حاكماً فينا، وهادياً ودليلاً إلى الحق، لأنه المصدر الأساس لمعرفة الحق والباطل والذي يعرض المقاييس الصحيحة لمعرفة الحقائق، فلو أخطأنا في التفكير وسرنا في الطريق المنحرفة، فإنّ القرآن الكريم هو الذي يدلّنا على الطريق القويم ويهدينا سبيل الرشاد، ويعلمنا سُبُل بلوغ الحق، واجتناب الباطل.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): " وعلى كتاب الله تُعرَضُ الأمثال"
ولأنّ الأمّة اختلفت على التنزيل والتأويل، ولأنّها عاجزة عن الوصول إلى تلك الحقائق النورانية التي استودعها الله تعالى في كتابه العزيز.. أوعز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المروي المشهور عنده لدى الفريقين (السنة والشيعة) إلى أمته بالاستعانة والرجوع إلى عترته الهادية التي من تمسك بها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى، والذي ورد في الحديث المعروف بحديث الثقلين وفيه: "إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي"
ولأن الفاصلة قصيرة بين الحق والباطل، يرشدنا الإمام علي (عليه السلام) إلى المسافة بينهما محذراً من الوقوع في الإلتباس نتيجة ذلك، وذلك بقول (عليه السلام):
- " أما إنّه ليس بين الحقّ والباطل إلاّ أربع أصابع..الباطل أن تقول :سمعتُ، والحقّ أن تقول : رأيتُ"
- وفي جواب له عن سؤال: كم بين الحقّ والباطل؟
يقول عليه السلام: " أربع أصابع ووضع أمير المؤمنين (عليه السلام) يده على أُذنه وعينيه، فقال: ما رأته عيناك فهو الحقّ، وما سمعته أذُنَاك، فأكثره باطل"
- وتطبيقاً لهذه المضمون الراقي والسامي يقول عليه السلام: "أيها الناس من عرف من أخيه وثيقة في دين وسداد طريق فلا يسمعنّ فيه أقاويل الناس، أما إنّه قد يرمي الرامي ويخطئ السّهام، ويحيل الكلام وباطل ذلك يبور، والله سميع شهيد".
- وفي رواية أخرى أنه قال: "... وإنّك امرؤ ملبوس عليك، إنّ دين الله لا يُعْرف بالرجال، فاعرِف الحقّ تعرف أهله".
فالميزان والمعيار عند الإمام علي (عليه السلام) أنّ الحق أرفع من الأشخاص مهما كان تاريخهم، والصواب هو معرفة الحق والباطل، وعلى أساسهما يُقاس الناس.
دمتم موفقين لكل خير