هل صحيح ان هناك قول للإمام علي(ع) :"التَكبر على المُتَكبر عِبادة"؟
و إذا كان صحيحاً اليس هذا يفتعل مشاكل بين الناس أكثر؟ (سؤال منطقي من باب كسب المعلومات ليس أكثر)
و شكراً
تاريخ اليوم
تاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoتاريخ اليوم:
تاريخ اليوم
اللغة:
حجم الخط:
الوضع الليلي | النهاري
brightness_autoعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لم نجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن وجدنا عن الإمام عليٍّ (عليه السلام) في نهج البلاغة قوله: "التكبُّرُ على المتكبِّرِينَ هو التواضُعُ بِعَينِهِ" [الحكمة 410].
التكبّر: أن يُظهر الإنسان نفسه بمظهر الكِبْر.
والمتكبِّر اسمٌ من أسماء الله الحسنى. فهو العليُّ الكبير.
وصفة التكبّر للإنسان مذمومةٌ في تعاليم الإسلام، وتعدّ من الرذائل الأخلاقيّة، لكنّها ليست رذيلةً مطلقًا، بل قد يكون عكسُها هو المذموم. هب أنّ هناك شخصًا جبّارًا متكبّرًا يذلّ المسلمين ويهزئ بدينهم، فهل التواضع له فضيلة؟ أم أنّ التكبّر عليه وإذلاله هو الفضيلة؟
جاء في وصف صفوة المؤمنين في القرآن المجيد: (أذلّةٍ على المؤمنين أعزّةٍ على الكافرين) [المائدة: 54]، والعزّة تلائم التكبّر والشدّة، والكافرون هم المستكبرون في الأرض. وما ينبغي للمؤمن أن يذلّ ويتواضع لهم.
ولا يحضّ الحديث العلويّ المؤمنين على التكبّر على المؤمنين، بل الحديث منصرفٌ إلى غيرهم. ولسانُ الحديث لسان نفي الإثم عن التكبّر على المتكبّرين، بل هو التواضع بعينه؛ لأنّه تواضع لله، حيث لا يخضع الإنسان لغيره سبحانه، فظهور الإنسان بهذا المظهر في محضر المتكبّر فيه تجلٍّ لاسم الله المتكبّر. وإذا آلت الأمور إلى مقاتلة المستكبرين ففي ذلك حلٌّ لمشاكل الناس، فإنّ المستكبرين لا يرضون إلا بأن يكون الناس عبادًا لهم.
إذا نظرنا إلى الحديث بهذه النظرة التي هي الأقرب، فلا يبقى في الذهن مجالٌ لاحتمال أن يكون المراد به إثارة المشاكل بين الناس وزرع الشحناء والبغضاء فيما بينهم. بل المؤمن هنا في مقام ردّ الفعل، وما ينبغي له أن يتواضع للمتكبّرين.
ولو فرض أنّ بعض المؤمنين أصيب بهذه الرذيلة، ولم يرتدع عنها بالموعظة الحسنة ولا بالسلوك الأحسن، فقد يقال: إنّ التكبّر عليه (عدم التواضع له) قد يكون منبّهًا له على خطئه؛ إذ إنّ كرهه لتكبّر المتكبّر عليه منبّهٌ له على سوء عملِه. وليس التواضع له إلّا مغذّيًا لتلك الصفة الذميمة.
والله أعلم بالصواب.